الثلاثاء، 11 أغسطس 2015

العبادي بين مطرقة الاحزاب وسندان الانتفاضة

بعد ان يأس الشارع العراقي من كل الوعود و بعد ان اصبحت الحياة لا تطاق ببركة الاحزاب السياسيه الفاسده و المفسده لكل ما هو جميل في العراق صحى الشعب العراقي على انتفاضه كانت شرارتها لم يحسب لها حساب لا من بعيد ولا من قريب لا من الجهات الحكوميه ولا من الاحزاب السياسيه الاسلامويه الذين اعتادو على تحريك الشارع العراقي بأفكارهم وفق مزاجهم و مصالحهم و اهوائهم بأمتلاكهم ناصيه الحكم و القضاء و صناديق الانتخابات و ارزاق الناس و الوجاهة و المقبوليه ولا حتى من الشارع العراقي نفسه الذي سلم زمام مستقبله وكيانه بأياديهم ليتقاسموا ثروات بلاده و يقسموالبلد الى اقاليم افتراضيه لا شأن لها ببعض , شماليه و جنوبيه و غربيه و متنازع عليها برعايه امريكيه ايرانيه سعوديه قطريه صهيونيه وتجاهلو الارادة العراقيه جمله وتفصيلا و كانو على يقين ان الشعب العراقي خلاص اصبح لعبه بأياديهم يحركوها كيفما يشاءوا ومتى والى اين يرغبوا متناسين ان من 1400 سنه قبل الميلاد كان كلكامش السومري ابو العراقيين لم و لن يستسلم لليأس والموت وذهب يبحث عن الخلود ليدرك أن الحياة عمل صالح وتفكير مستمر نحو الاحسن وأن على الإنسان واجبات لابد أن يؤديها تجاه نفسه والمجتمع الذي يعيش فيه وبما ان ليس باستطاعة الإنسان أن يحقق كل رغباته وأمانيه .لكن ذلك لا يمنعه من العمل الجاد المثمر لنكتشف من خلال كلكامش بعض من صفات شخصية الإنسان الرافديني التي لازلنا نحملها كالصمود والضعف والفرح والحزن وتجاوز المحن والتخطيط للمستقبل فكلكامش الذي بكي علي أنكيدو بعد موته بكاء الثكالى الا انه بقي ذلك البطل الذي لم ينفك يسأل عن معني الحياة والخلود وعن الكوارث ما يفرح منها وما يحزن علما ان الإنسان الرافديني في الملحمة بقت علاقته بالآلهة عامرة يستعين بها في كل خطواته ناسبا إليها الخير والشر الذي يصيبه بالرغم من ان هذه الآلهة تتصف بصفات غير ثابتة الامر الذي سببت له مشكلات كثيرة ناهيك عن ان الملحمه صورت لنا الواقع الاجتماعي والسياسي والاقتصادي السومري فكلكامش السومري لم يستسلم للمحن أذن كما هو اليوم وريثه العراقي فبعد ما يقارب ال 13 عاما من التخدير و الاستكانه التي نام عليها سياسي العراق بالعسل و ايقنوا ان الشعب العراقي شل بالكامل و سيبقون غمامه قهر على رأسه لا تنتهي افاقوا على انتفاضه عارمه تقض مضاجعهم و تقلب حياتهم رأسا على عقب بدأت من البصرة الفيحاء لتستقر بساحة التحرير الغراء ساحة الثراء الفكري الامر الذي ازداد قلق الساسه و انهالت التصريحات و التكهنات بعدم شريعيه الانتفاضه و نزاهتها بحجه الخوف على العراق بالرغم من تأييدهم لها وهذا ما يدل على تخبطهم من صدمه الانتفاضه التي اخذت تكبر و تزداد وعيا و ترفع شعارات جوهريه وعفويه ومن صميم الحياة العراقيه و الشارع العراقي المغلوب على امره ولو بعد حين. الانتفاضه سلميه وشعبيه ولا تريد ولا ترغب بتأطيرها او تجيرها لجهة معينه و تصر على كونها شعبيه لا تنتمي لاحد و لا تنوي الانضمام لاي جهه بالرغم من الكثير من الاحزاب الاسلاميه بدأت تغازلها و تدعمها اعلاميا لكسب الشارع لها لكونها مأزومه اصلا

العراق لم يشهد انتفاضه حره شعبيه منذ عام 2003 الى يوم 31.تموز .لا ننكر سبق وان عشنا تظاهرات لكنها مسيسه على مبدأ المحاصصه ليلعبو بنا على الوتر الحساس لمكاسب تدعم مصالحهم و تنتهي بأنتهاء ما يحققونه من مكاسب على حساب الشارع العراقي بعد دغدغه مشاعرهم بمشاريع وهميه كالقضاء على البطاله و توفير الخدمات .
و لكن كيف تحرك الشارع العراقي ومن وراء ذلك وهل هي انتفاضه شعبيه مشروعه وعراقيه صرفه ضد الفساد و المفسدين في العراق ؟
للجواب على هذا السؤال اكثر من قراءة
اولا : ان ما وصل اليه العراق اليوم من فساد و تدهور و افلاس ونعدام الخدمات و على رأسها انقطاع التيار الكهربائي المستمر يجعل اي من كان ينتفض على الواقع في حر لا يطاق ولم يسبق له مثيل .
ثانيا : نشاطات منظمات المجتمع المدني الدؤوب و المستقل و المهمش نسبيا من قبل السلطه الحاكمه كان له مفعول ساحر علما ان هذه المنظمات تعرف جيدا نسبه البطاله بين الشباب و نسبه الفقر و الفقراء بين الشعب العراقي و مدعومه من جهات تؤمن بالديمقراطيه وحريه الرأي و الرأي الاخر فوجد الشعب العراقي ضالته في هذه المنظمات ونشهد انها تريد مصلحه العراق ليس الا .
ثالثا : دكتاتوريه الاحزاب الدينيه المسيسة و عدم نزاهتها و سرقتها للملايين بدن وجهه حق و مصادرتها للحريات الشخصيه و أضفاء هالة قدسيه على نفسها و عوائلها و افعالها و مكانتها في المجتمع جعل الشارع العراقي ينفر منها ومن تصرفاتها فسقطت الرموز و انكشف نفاقهم و دورهم الكاثري في السرقات و الاعمال الغير مشروعه .رابعا: ارتفاع نسبه مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي و التي من خلالها انفتح الشارع العراقي بعضه على البعض الاخر اولا وعلى العالم ثانيا فأصبح المنشور و الصوره و الفلم يصل لاي شخص مستخدم لهذه المواقع بلمح البصر و بدون رقابه ناهيك عن استعمال المحمول بأجود الكامرات التي ترصد كل وارده وشارده و توثيقها عن طريق اليوتوب بمنتهى السرعه و الدقه فانكشف المستور و ظهرت الحقائق التي يشيب لها الولدان .فأخذ الفيسبوك ينظم المنشورات ويحدد المواعيد وقواعد الانتفاضه و يسمع للاراء و الاراء الاخرى لتتسع رقعه اهتمامات الشباب و تتفق مطالبهم و اهوائهم و مظلوميتهم مع بعض للتترجم بأنتفاضه عارمه الاولى من نوعها في العراق لحد الان .
خامسا : دعم المرجعيه لمطالب الشعب العراقيه في توفير الخدمات و العمل و القضاء على الفساد ما شجع الشارع العراقي النزول بقوه لساحة التحرير فرفعوا شعارات لمكافحة الفساد وإلغاء مجالس المحافظات لتطال السلطه الحاكمة برمتها و الأحزاب الإسلامية والمطالبة بمحاكمه الفاسدين و المفسدين و بتعديل حكومي وبإلغاء المحاصصة الطائفية وتشكيل حكومه تكنوقراط.
تطورت بعدها مطالبهم لهجوم مكثف بالشعارات على شخصيات سياسيه كانت رموز ومن التابوات في العلن على اقل تقدير
كرئيس المجلس الأعلى عمار الحكيم و وزير الكهرباء قاسم الفهداوي من تحالف القوى الوطنية ونائب رئيس مجلس الوزراء بهاء الأعرجي من التيار الصدري الا ان المنتفضين لم يوفرو احد من الساسه الفاسدين مثل نوري المالكي نائب رئيس الجمهوريه و متحت المحمود و العطيه و حتى رئيس الجمهوريه المعصوم .رافق هذا الهجوم منشورات موثقه على الفيسبوك لعقارات وسرقات و انتهاكات للقانون وغيرها .
و هذا ما جعل لهذه الانتفاضه ثقل معنوي و مؤثرقوي للتغيير في كل الاتجاهات سياسيه و مدنيه مختلفة عما سواها لذا اصبح التعامل معها بجديه و من قبل كل الاطراف امر لابد منه و على رأسهم الدكتور حيدر العبادي رئيس الوزراء بعد ان اخذ الحصانه من المرجعيه التي خولته بضرب المتورطين بالفساد بيد من حديد اولا ومن الشعب العراقي ثانيا بتخويله اخذ القرارات الحاسمه و الشعب معه بكل قرار يتخذه لمصلحة الشعب العراقي و وحدته ,بل أكثر من هذا لذا هرولت الأحزاب الإسلامية الحاكمة لعقد اكثر من إجتماع لقراءة الموقف . انتهت إلى قرار بالنزول إلى الشارع لسحب البساط من تحت منظمات المجتمع المدني التي يعتقد انها من تحرك التظاهرات.الامر الذي دعا السيد مقتدى الصدر إلى إعلان دعمه مطالب المتظاهرين، بالرغم من انها استهدفت أحد كوادره و وضع المجلس الأعلى استقالة وزرائه على طاوله رئيس الوزراء و هذا يعني ان الاحزاب الاسلاميه ادركت ان الشارع العراقي لفظلها و بدون عوده .
و انطلق التصريحات الاعلاميه من هذه الاحزاب بسينورياهات ما انزل الله بها من سلطان
كمباركه القوى الاقليميه و الدوليه لهذه الانتفاضه او بأن العراق على مشارف حرب طائفيه
من هذا وذاك نقرأ بأن الاحزاب و البرلمان و الحكومه في ازمه خانقه و نفق مسدود لا يعرف الخروج منه سوى العبادي الذي جعلو الحل السحري بيده الامر الذي دفع العبادي ان يضع هذه العصى السحريه بيد البرلمان بصياغه قرارات مفصلية تحتاج إلى مصادقة تشريعية تبدأ بترشيق الوزارات وإلغاء مناصب نواب رئيسي الجمهورية ومجلس الوزراء و بتقليص شامل وفوري في إعداد الحمايات لكل المسؤولين وإلغاء المخصصات الاستثنائية لكل الرئاسات والهيئات ومؤسسات الدولة والمتقاعدين وإبعاد جميع المناصب العليا من هيئات مستقلة ووكلاء وزارات ومستشارين ومديرين عامين عن المحاصصة الحزبية والطائفية على أن تتولى لجنة مهنية يعينها رئيس مجلس الوزراء اختيار المرشحين في ضوء معايير الكفاءة والنزاهة بالاستفادة من الخبرات الوطنية والدولية في هذا المجال وإعفاء من لا تتوافر فيه الشروط المطلوبة ناهيك عن تفعيل مبدأ من أين لك هذا؟ لمحاكمة الفاسدين وغيرها الكثير .
وتستمر التطورات المفاجئه و المتوقعة ايضا من قبل الاحزاب و البرلمان ورؤساء الكتل بعضها مقبول وبعضها الاخر كارثي و الكل يهدد ويتوعد بالدستور المرفوض من الكل و الشريعه المضروبه حائطيا من قبل البرلمان ليزداد الشارع غليانا وتزداد المطالب بالغاء البرلمان و المطالبه بنظام جمهوري و الحبل على الجرار . فعلاوي امهل الحكومه 3 أشهر للاصلاح و ذكر بان الاصلاحات غير قانونيه وغير شرعيه و الكرد تبنو نفس اللهجه بأن النواب ليسوا موظفي عند رئاسة الوزراء وكل ما ذكره العبادي يحتاج الى تشريع و الاعرجي قدم استقالته ولا زلنا ننتظر الكثير و يبقى العبادي بين مطرقة الاحزاب وسندان الانتفاضة .
ولكن بهذه السلطه الحاكمه وهذه الاحزاب المتناحرة وهذا البرلمان الفاشل و هذه التشكيله الوزاريه المفروضه و المحاصصه و المقبوليه و عدم الولاء للوطن و هذا الفساد المستشري لا اعتقد ستكون حلول ترضي الشارع العراقي و ستكون النتيجه حتما غير متوقعه او متوقعه فهي سيان لانها ستكون تسويف في تسويف و مماطله ما بعدها مماطله و تصويت يجر تصويت و لجان تجر لجان و تيتي تيتي مثل ما رحتي جيتي الا اذا جاءت اوامر عليا من جهات لها دور في ديمقراطية العراق او ان يغامر العبادي متسلحا بمعدنه الاصيل و ثقة الشعب العراقي به وبتاريخه النزيه لينقذ العراق من شر بلاوي الاحزاب المفترسة و رؤساء الكتل التي كالسرطان تنهش بجسد العراق وبرلمان محاصصاتي خائب وافسد وزراء على وجه الارض و هذا املنا الوحيد اكرر املنا الوحيد لان اخر العلاج الكي , اما ما ارهن عليه هو ان الانتفاضه ستستمر و تقوى عزيمتها بعد ان تحولت الى اعتصامات في مناطق كبرى في العراق مثل البصرة و بابل و هذا ليس بمصلحه لا الاحزاب و لا السلطه الحاكمه و ستتسع الهُوَّة بين الشعب و السلطة الحاكمة .و على رأي الشاعر قراد بن أجدع الكلبي :
فإن يك صدر هذا اليوم ولى‏ .. فإن غدا لناظره قريب‏

د أقبال المؤمن 

ليست هناك تعليقات: